منير احمد- كبار الشخصيات
- عدد الرسائل : 73
العمر : 74
نقاط تميز : نقاط تميز العضو
رقم العضويه : 4
تاريخ التسجيل : 04/12/2008
من طرف منير احمد الإثنين فبراير 02, 2009 3:22 pm
إنتاجه الأدبي
وقبل أن نبحر في
ثورة طلعت حرب الإقتصادية نتوقف قليلا عند إنجازه الفكري والأدبي حيث كان
(كما ذكرنا) يقف في الصف الأول من المحافظين ويتسم باستقامة عالية وروح
قوية وإرادة عنيدة وهمة غلابة وباختصار فقد خلق ليكون
زعيما. كما كان
من الكتاب الواقعيين ومصلحا له رؤية واضحة تستهدف دوما المصالح العليا
للوطن وقد بدأ حياته الفكرية بالكتابة في الصحف ثم كتب كتابه الأول "كلمة
حق عن الإسلام والدولة العثمانية" ثم كتاب "تربية المرأة والحجاب" وذلك
رداً على كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين الذي صدر عام 1898 ثم ألف كتاب
"فصل الخطاب في المرأة والحجاب" رداً على كتاب قاسم أمين الثاني "المرأة
الجديدة" وقد أكد طلعت حرب على أن خصومته الفكرية مع
قاسم أمين لم تكن
على قضية التحرير الأدبي للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة
الطارئة التي لامبرر لها في حياة نسائنا وماوراء هذه الطفرة من شر قد
يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية، وكان يؤكد
على أن (الحرية التي تقتل العصمة شر من الحجاب).
فكره الإقتصادي
في
عام 1911 قدم طلعت حرب رؤيته الفكرية واجتهاداته النظرية عن كيفية إحداث
ثورته الثقافية وذلك من خلال كتابه "علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك
للمصريين".
وفي عام 1912 قدم طلعت حرب كتابه "قناة السويس" وذلك لتفنيد
دعاوي إنجلترا وفرنسا لتمديد عقد احتكار القناة لمدة 40 سنة أخرى بعد الـ
99 سنة التي تنتهي في عام 1968 وقد نجحت حملة طلعت في القضاء على هذا
المخطط الاستعماري في مهده.
وقد كان طلعت حرب ميالا (بشكل واع)
للفلاحين والغلابة ويدافع عنهم فعند تصفية الدائرة السنية سعى إلى بيع
الأراضي إلى الفلاحين الذين يزرعونها ونجح في ذلك ممايؤكد نزعته
الاشتراكية التي لم يسع أبدا إلى قولبتها في
قوالب سابقة التجهيز ولكنها كانت اشتراكية تنبع من الأرض المصرية.
بعد أن أعلن طلعت حرب عن فكرته في ضرورة إنشاء بنك للمصريين انعقد المؤتمر الوطني
عام 1911 للنظر في مشكلات مصر الإجتماعية وقرر المجتمعون تنفيذ فكرة حرب
في إنشاء بنك مصر وقد تعطلت عملية إنشاء البنك بسبب الحرب العالمية الأولى.
وعندما انتهت الحرب دون أن تحصل مصر على استقلالها السياسي انفجرت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول
وأثناء الثورة دعا طلع حرب أبناء مصر إلى الكفاح ضد سيطرة الأجانب
الإقتصادية على المقدرات المصرية وتعود فكرة إنشاء بنك مصر وينجح طلعت حرب
في إنشاء البنك عام 1920 حيث تم الإحتفال بتأسيسه مساء الجمعة 7 مايو 1920
في دار الأوبراالسلطانية وذلك برأس مال 180 ألف جنيه وتم تحديد قيمة السهم
بأربعة جنيهات مصرية وفي نهاية عامه الأول ارتفع رأس مال البنك إلى 175
ألف جنيه ثم إلى نصف مليون جنيه عام 1925 ثم إلى مليون جنيه عام 1932، وقد
بدأ بنك مصر في ركن متواضع من أوطان شارع الشيخ أبي السباع. وقد كان طلعت
حرب
شخصية شديدة الحيوية والديناميكية ينهض مبكراً ويبدأ العمل في السادسة
صباحا ويصدر التعليمات إلى رجاله وظل يعمل لمدة خمس سنوات لمدة 15 ساعة
يوميا وبدون مقابل. وقد استفاد طلعت حرب كثيراً عندما ارتبط في بداية
حياته بعلاقة وثيقة مع عمر باشا سلطان مما أكسبه الكثير من الخبرات الإقتصادية والإدارية وفي اتصاله بالحركة لوطنية أيام الخديوي عباس حلمي الثاني.
ولذلك
فقد كان ينظر إلى المال كخدمة عامة يساعد في الحفاظ على الثروة الوطنية
وتصنيع البلاد، وقد أكد ذلك في خطبة افتتاح بنك مصر حيث ذهب إلى أنه ليس
بنكا تجاريا حيث إن مهمته الأساسية هي إدخال التصنيع إلى مصر
وتشجيع
التجارة، وقبل أن ينشئ بنك مصر أنشأ مع صديقه فؤاد الحجازي محلا للبقالة
حتى يشجع المصريين على التجارة ورغم انتقادات المحيطين به إلا أن التجربة
نجحت وشجعت الكثيرين على خوض مجال التجارة وقد تنازل بعد ذلك عن المحل
لبعض المصريين.
وقد كان شعاره الوحيد (من حسب كسب) وقد كتب عنه جاك
بيرك (إن ميزته الأولى كانت في إدراكه للقوة الكامنة والإمكانات الهائلة
التي لم تستغل بعد عند مواطنيه) وهذا كلام صادق تماما حيث دأب الإحتلال
الإنجليزي على
ترويج أن الشعب المصري لايعرف إلا الزراعة وأنه لايجيد
الأعمال الإقتصادية أو الصناعية وقد أثبت طلعت حرب فساد وخطأ هذه المقولات
حيث ساهم بنك مصر في تجميع أموال المصريين التي ادخروها خلال الحرب
العالمية الأولى والتي كانت حائرة عاطلة بعد ارتفاع أسعار العقارات. وقد
قام بنك مصر برسالته الوطنية في تنمية الودائع علاوة على أرباحه التي
استثمرها في إنشاء أكثر من عشرين شركة مصرية ومع تأسيس البنك رفض طلعت حرب
رئاسة بنك مصر وترك المنصب لأحمد مدحت باشا يكن واكتفى هو بمنصب نائب الرئيس والعضو المنتدب، وقد استدعى الخبير الألماني فون أنار لوضع النظم الداخلية للبنك وفي نفس الوقت أرسل بعثات من شباب مصر إلى
إنجلترا
وسويسرا وألمانيا للتدريب العملي على العمل المصرفي، وقد عاد جميع
المصريين ليعملوا في بنك مصر، وسريعا ماانتقل بنك مصر من مقره المتواضع
إلى مقره الحالي في شارع محمد فريد وسريعا ماانتشرت فروع البنك لتصل إلى
37 وحدة مصرفية في عام 1938، وقد اهتم طلعت حرب بالمظهر الخارجي لمنشآت
بنك مصر فجعل جميع مباني البنك ذات نمط معماري واحد. وقد استطاع بنك مصر
وشركاته امتصاص جزء كبير من البطالة حيث زادت ودائع البنك مقارنة بكل
البنوك الأجنبية العاملة في مصر مماأنهى مقولة الإستعمار والتي كانت تردد
في ذلك الوقت "المصري لايعرف إلا الإستدانة" حيث استطاع بنك مصر تحفيز
الإدخار لدي كل المصريين حتى الأطفال بعد أن وزع البنك حصالات على تلاميذ
المدارس الابتدائية ثم يأخذ مافيها ويفتح للأطفال دفاتر توفير بالبنك. كما
كان طلعت حرب يراعي دائما البعد الأخلاقي في معاملاته وتعاملاته حيث أصدر
قراراً بعدم تمويل بنك مصر لأية مشروعات تسيء إلى الخلق العام، وكرامة
الإنسان، كما حرص البنك على مساعدة صغار الصناع والحرفيين للصمود أمام
سيطرة
المنتجات الإنجليزية على السوق المصرية ومنافستها وكما شجع البنك قيام
شركات المقاولات المصرية ودعمها ماليا بكسر احتكار الأجانب لهذه المشروعات
حيث كان الأجانب يقرضون الفلاحين والجمعيات التعاونية بضمان
الأرض فإن
عجزوا عن السداد يتم الاستيلاء على الأرض المرهونة، وقد استطاع طلعت حرب
أن يتصدى لهذه السياسة الإستعمارية ليتم الحفاظ على ثروة مصر من الأرض
الزراعية، وقد طلب البنك من الحكومة المصرية إنشاء البنك العقاري المصري
ليتولى عمليات الدعم للنشاط الزراعي في جميع أنحاء مصر.
إسهاماته الإقتصادية
بعد
عامين فقط من إنشاء بنك مصر قام طلعت حرب بإنشاء أول مطبعة مصرية برأس مال
قدره خمسة آلاف جنيه وذلك ليدعم الفكر والأدب ويقوي المقاومة الوطنية حيث
كان يؤكد على أهمية أن تكون القراءة في أيدينا وليس في يد
الأجنبي.
وبعد إنشاء المطبعة توالت الشركات المصرية التي ينشئها البنك مثل شركة مصر
للنقل البري التي قامت بشراء أول حافلات لنقل الركاب والتي ظهرت في فيلم
"الوردة البيضاء" للموسيقار محمد عبدالوهاب، كما قامت الشركة
بشراء
الشاحنات الكبيرة لنقل البضائع من الموانئ كما أنشأ البنك شركة مصر للنقل
النهري ثم شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستقدم طلعت حرب خبراء
هذه الصناعة من بلجيكا وأرسل بعثات العمال والفنيين للتدريب في
الخارج. كما أقام مصنعا لحلج القطن في بني سويف، وأنشأ البنك مخازن (شون) لجمع القطن في كل محافظات مصر.
وتواصلت
عطاءات طلعت حرب فأنشأ شركات مصر للملاحة البحرية، ومصر لأعمال الإسمنت
المسلح، ومصر للصباغة، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لتجارة وتصنيع الزيوت،
ومصر للمستحضرات الطبية، ومصر للألبان والتغذية، ومصر للكيمياويات، ومصر
للفنادق، ومصر للتأمين، كما أنشأ طلعت حرب شركة بيع المصنوعات المصرية
لتنافس الشركات الأجنبية بنزايون - صيدناوي وغيرهم. وقد سعى طلعت حرب
لإنشاء شركة مصرية للطيران إلى أن صدر في 27 مايو 32 مرسوم ملكي بإنشاء
شركة مصر للطيران كأول شركة طيران في الشرق الأوسط برأس مال 20 ألف جنيه،
وبعد عشرة أشهر زاد رأس المال إلى 75 ألف جنيه، وقد بدأت الشركة بطائرتين
من طراز دراجون موت ذات المحركين تسع كل منها لثمانية ركاب، وكان أول خط من القاهرة إلى الاسكندرية ثم مرسى مطروح، وكان
الخط الثاني من القاهرة إلى أسوان. وفي عام 1934 بدأ أول خط خارجي للشركة من القاهرة إلى القدس.
كان
طلعت حرب يؤمن بأن تجديد الإقتصاد في مصر في بلد زراعي متخلف لن يتم إلا
إذا ازدهرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة،
وكان يؤمن أيضا بأن الثقافة استثمار كبير. وإيمانا منه بضرورة تدعيم
الثقافة والفنون ونشر الوعي قام بتأسيس شركة مصر للتمثيل والسينما "أستديو
مصر" لإنتاج أفلام مصرية لفنانين مصريين مثل أم كلثوم، عبدالوهاب وغيرهما،
وقد أنتج أستوديو مصر فيلما قصيرا لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات
المصرية. كما أنتج نشرة أخبار أسبوعية عن الأحداث في مصر يتم عرضها في دور
العرض قبل بداية أي فيلم، وقام أستوديو مصر بإرسال البعثات الفنية من
المصريين إلى أوروبا لتعلم فنون التصوير والإخراج والديكور والمكياج فسافر
أحمد بدرخان - موريس كساب (إخراج)، حسن مراد - محمد عبد العظيم (تصوير) -
مصطفى والى (صوت)، ولي الدين سامح (ديكور)، نيازي مصطفى (مونتاج)، وتم
تعيين الفنان أحمد سالم مديراً لاستوديو مصر. وقد أكد طلعت
حرب على
أهمية السينما وخطورة دورها عندما قال "إننا نعمل بقوة اعتقادية وهي أن
السينما صرح عصري للتعليم لاغنى لمصر عن استخدامه في إرشاد سواد الناس".
و قد أنشىء على يده ستوديو مصر للانتاج السينمائي فتعتبر نشأة السينما المصرية على يده.
وفاته
توفى طلعت حرب في الثالث عشر من اغسطس عام الف و تسع مئة واحد و اربعون 13 أغسطس