أرجوا قراءة هذه السطور لعلها تفيدنا جميعا في تجنب, أو التقليل قدرالأمكان, من
المشادات المؤلمة التي تظهر من وقت لاخر بين الأخوة ولعلها تفيدنا أيضا في التعامل
مع أهلنا وأصدقائنا.....
قرأت ذات يوم أنّ طفلا ً صعب المراس قد تعذر إرضاؤه واستهان بالمساس بمشاعر
من حوله وتفنّن في إغاظتهم، فأعطاه أبوه كيساً من المسامير وقال له: 'قم بطرق
مسمار واحد في سور الحديقة الخشبيّ عند كل مرّة تفقد فيها أعصابك وتجرّح أيّ
شخص كان'. وفي اليوم الأول غرز الولد خمسين مسمارا في السور، وفي الثاني
اربعين، وفي الثالث ثلاثين، وفي تمام الأسبوع الأوّل تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه
وكان عدد المسامير التي يطرقها يوميا في تناقص، حتّى تعــــلّم بسهولة كيــــف يتحـــكم
في نفسه لا سيّما وأن كبح الغضب كان أسهل من الطـــــرق المضني على سور لحديقة.
وجاء اليوم الذي لم يعد يحتاج فيه الولد لغرز أيّ مسمار في السور، فأسرع مغتبطا
ليبشّر أباه أنه لم يعد بحاجة الى طرق المسامير. وعندها، قال له الأب: 'الآن، اتمنّى
لو قمت بخلع مسمار واحد في كل يوم يمر بك دون أن تغضب وتفقد أعصابك).
وكذا، توالت أيام أبلغ الولد في نهايتها أباه مبتهجاً أنّه قد خلع كلّ المسامير من السور.
أخذ الوالد ابنه الى السّور الخشبيّ وقال له: ( لقد أبليت حسناً، ولكن انظر الى تلك
الثقوب التي تركتها في السور، أتراها ستعود كما كانت؟!).
والآن، سأتركك تتساءل، هل فكّرت مرّةً بالجرح الذي تتركه في أعماق من تسيء إليهم
إذا ما انفلت لجام غضبك وتركت ليدك وللسانك العنان لبثّ الأذى والإهانة والقذف
والتجريح في البشر من حولك؟ سوف تتركهم مع جرح في أعماقهم تماماً كتلك
الثقوب التي خلّفتها المسامير، لا يمحوها الاعتذار ولو كان على نحو الطوفان الزّاخر.
قد تطعن شخصاً مرّةً واحدةً ثم تخرج السكين من جوفه، ولكن كن متيقناً أنّك قد تركت
أثرا لجرح غائر، لن يشفي ألمه عدد المرّات الّتي تعبّر فيها عن أسفك. قد يهين لسانك
صاحباً لك في أكثر مواقع كرامته حساسيةً، ويبقى السؤال: هل سيسعف
التماس الأعذار صداقةً حكم عليها غيظ ُ لحظةٍِ بالفناء؟ لا تكمن عظمة المرء بقدرته
على التأسّف والتودّد الى من أساء إليهم بل إنّ العظمة كلّ العظمة في تفادي ما يدعوه
لأن يتأسّف فالكلمة كما قال السلف كالسهم، إذا انطلقت فلن تعود. الكلمة قادرة على
اختراق أعتى حواجز الحقد والبغض لتصل القلوب بأبواب تبعث على الحبّ والإلفه، هي
عصانا، نتوكأ عليها في غمرة الاحزان وفي نشوة الفرح، ونهشّ بها على بقايا ذكرى
عفا عليها الزمن، وتمنحنا فرصة البقاء من أجل أملٍ جديد، وإذا ما نبضت حروف
الاستعارات والقوافي ساعةً، صارت الكلمة زاجلا ً للأرواح تداعب خفقات القلب في
سراديب أعماقك. وإذا ما أمست حياتنا قفراً توسد السراب وافترش الخراب، تهطل
الكلمة كالغيث يحييها ويرويها. ليست الكلمة مجرّد حروفٍ تُخطّ بالحبر على الصحائف،
أو ما تنطق به الأفواه فحسب، فالكلمة كيان ينبض بالحياة، والذي يعي كيف يسقط
إحساسه على جسد الكلمة فقد منحها الحياة كما تمنح قطرات الندى الروح للبذور
السّابته، وإنّ هناك من يجيد جرح بل وقتل الاحساس وهدم معاني الحياة لدى الناس.
المشادات المؤلمة التي تظهر من وقت لاخر بين الأخوة ولعلها تفيدنا أيضا في التعامل
مع أهلنا وأصدقائنا.....
قرأت ذات يوم أنّ طفلا ً صعب المراس قد تعذر إرضاؤه واستهان بالمساس بمشاعر
من حوله وتفنّن في إغاظتهم، فأعطاه أبوه كيساً من المسامير وقال له: 'قم بطرق
مسمار واحد في سور الحديقة الخشبيّ عند كل مرّة تفقد فيها أعصابك وتجرّح أيّ
شخص كان'. وفي اليوم الأول غرز الولد خمسين مسمارا في السور، وفي الثاني
اربعين، وفي الثالث ثلاثين، وفي تمام الأسبوع الأوّل تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه
وكان عدد المسامير التي يطرقها يوميا في تناقص، حتّى تعــــلّم بسهولة كيــــف يتحـــكم
في نفسه لا سيّما وأن كبح الغضب كان أسهل من الطـــــرق المضني على سور لحديقة.
وجاء اليوم الذي لم يعد يحتاج فيه الولد لغرز أيّ مسمار في السور، فأسرع مغتبطا
ليبشّر أباه أنه لم يعد بحاجة الى طرق المسامير. وعندها، قال له الأب: 'الآن، اتمنّى
لو قمت بخلع مسمار واحد في كل يوم يمر بك دون أن تغضب وتفقد أعصابك).
وكذا، توالت أيام أبلغ الولد في نهايتها أباه مبتهجاً أنّه قد خلع كلّ المسامير من السور.
أخذ الوالد ابنه الى السّور الخشبيّ وقال له: ( لقد أبليت حسناً، ولكن انظر الى تلك
الثقوب التي تركتها في السور، أتراها ستعود كما كانت؟!).
والآن، سأتركك تتساءل، هل فكّرت مرّةً بالجرح الذي تتركه في أعماق من تسيء إليهم
إذا ما انفلت لجام غضبك وتركت ليدك وللسانك العنان لبثّ الأذى والإهانة والقذف
والتجريح في البشر من حولك؟ سوف تتركهم مع جرح في أعماقهم تماماً كتلك
الثقوب التي خلّفتها المسامير، لا يمحوها الاعتذار ولو كان على نحو الطوفان الزّاخر.
قد تطعن شخصاً مرّةً واحدةً ثم تخرج السكين من جوفه، ولكن كن متيقناً أنّك قد تركت
أثرا لجرح غائر، لن يشفي ألمه عدد المرّات الّتي تعبّر فيها عن أسفك. قد يهين لسانك
صاحباً لك في أكثر مواقع كرامته حساسيةً، ويبقى السؤال: هل سيسعف
التماس الأعذار صداقةً حكم عليها غيظ ُ لحظةٍِ بالفناء؟ لا تكمن عظمة المرء بقدرته
على التأسّف والتودّد الى من أساء إليهم بل إنّ العظمة كلّ العظمة في تفادي ما يدعوه
لأن يتأسّف فالكلمة كما قال السلف كالسهم، إذا انطلقت فلن تعود. الكلمة قادرة على
اختراق أعتى حواجز الحقد والبغض لتصل القلوب بأبواب تبعث على الحبّ والإلفه، هي
عصانا، نتوكأ عليها في غمرة الاحزان وفي نشوة الفرح، ونهشّ بها على بقايا ذكرى
عفا عليها الزمن، وتمنحنا فرصة البقاء من أجل أملٍ جديد، وإذا ما نبضت حروف
الاستعارات والقوافي ساعةً، صارت الكلمة زاجلا ً للأرواح تداعب خفقات القلب في
سراديب أعماقك. وإذا ما أمست حياتنا قفراً توسد السراب وافترش الخراب، تهطل
الكلمة كالغيث يحييها ويرويها. ليست الكلمة مجرّد حروفٍ تُخطّ بالحبر على الصحائف،
أو ما تنطق به الأفواه فحسب، فالكلمة كيان ينبض بالحياة، والذي يعي كيف يسقط
إحساسه على جسد الكلمة فقد منحها الحياة كما تمنح قطرات الندى الروح للبذور
السّابته، وإنّ هناك من يجيد جرح بل وقتل الاحساس وهدم معاني الحياة لدى الناس.